في الطائرة لايبدو سنبل سعيدا رغم أنه جلب ملياري دولار من سفرته،يتململ،يتحرك،ويتثاءب دون أن يتمكن من النوم.. وفي كل مرة يطلب كأس شاي ويستغرب كيف يضحك من هم في الاقتصادية،يعرف أن ولد الشيخ أحمد عاد بهدية كبيرة لاشك، فله حظوة هناك عن سنوات عمله في المنطقة..وقف الرئيس وتمشى بهدوء بين الجالسين،نهضوا بسرعة من بين أكوام “المفتلة والقميري”، ، فأمرهم بالبقاء في أمكنتهم، اذ يريد المشي قليلا..أحدهم نائم ومن جيب بنطاله تكاد تسقط قلادة ذهبية، سيقول إنه اشتراها من سوق ديرة..دفع الرئيس الغاضب بالقلادة بقوة في الجيب الخلفي للرجل لأنه يعرف مصدرها، وابتسم بطريقة لاتناسب” الدفعة” الرجل الذي كان يوثق الموقف،احميدة الخارق فزيارته لدبي لتتبع التكنولوجيا الرقمية وجديدها..الرئيس يسير جيئة وذهابا وسط شخير أعضاء وفده..أحدهم يبتسم نائما والآخر سيقف بعد قليل، فقد عرف عنه المشي أثناء النوم لكن لأن الرواق مشغول رئاسيا فلايمكنه حتى وهو نائم أن يستيقظ ليمشي!!!في يد سنبل ملياران ولايعرف كيف يتصرف في الصناديق، ولابد أن يتصرف قبل انتهاء الرحلة..سنبل حائر بعد المليارين،عليه أن يعرف كيف سيوفق بين ارضاء الشعب وارضاء الأرحام..تذكر أن الرئاسة منعته من زيارة أرحام له، قطع الصلة بهم..مصنع أو اثنان..هذا يكفي مع ميزانية توزع على مدوني وصحافة مدير الديوان ناصر القصبي ..لا لا هذا لن يقنع.كم يعجبني صديقي عزيز، لو أنه هنا لعرف كيف يتصرف دون أن يترك أثرا خلفه..يعود الرئيس الى مجلسه ويفكر في سجن الرئاسة وكيف أنه بعد دخوله أصبح ملزما بالنوم بعد صلاة العشاء وهو التواق أصلا للحرية والحركة..سأطلب من القصبي تنظيم سفرات للدكتورة الى دول كثيرة(طبعا آمريكا خطر) فلابد أن يظل الرئيس وحيدا لأيام حتى يفكر في مصالح الأمة..يستدعي ناصر مدير ديوانه ويخبره بأن من الملياري دولار مليار أوقية على الأقل كحق “للعامل عليها” فهكذا يقول الشرع، وان عليه ارسال المبلغ الى الأقارب، من الأولى بالمعروف مع توصية بارسال بعض مراهقيهم الى اوروبا لشد أبدانهم وتعلم كلمات انكليزية يمكنهم عبرها دخول “تاشرونا” الغاز باذن الله..ضع المبلغ الى جانب رسائل الشاب ولد بية وصناديقه وحاذر أن ينزلوه مع أغراضنا..على ذكر أهل بية،أرأيت كيف يحتاج الرئيس لمدد روحي في حكمه! ماشاء الله تيسرت أمورنا..ثم أرسل كيس القميري الكبير الى صديقي اكس وسيوصله لمستحقيه…سينفذ ناصر التعليمات حرفيا بعد التأكد من نزول جميع الركاب..يقف الوزير السائر في نومه فيضحك الجميع باستثناء الرئيس..ترى ماذا يقلق السيد سنبل وقد ضمن للتو دمج بعض الأقارب وسيطرتهم على ثروة الغاز!!! إنه قلق من خطب واحد وهو الجلوس بين جدران مرعبة يتخيل فيها أرواح من سبقوه مع الزام بالبقاء بصفة دائمة في البيت..زوجات الرؤساء يشعرن بالراحة أكثر من الأخريات لأن شعبا بالكامل يراقب لهن تحركات الأزواج .يسأل من جديد كم ساعة سنمكث في موريتانيا قبل الذهاب الى اثيوبيا؟ ساعات يقول ناصر، ثم يضيف: سيتخللها مجلس للوزراء وتدشين لحنفية وزيارة مفاجئة لأي مكان تريدونه.
آه جيد سأحاول أن انتزع اغفاءة من ذهني الشارد؟
ينام الرئيس على أكوام الملاحف وأكياس الذهب والألماس، الهدايا لاتشحن وإنما تبقى الى جانب الرئيس..أنا أرحم بالشعب من المهاجر لأنه كان يأخذ العشر كرجل من آل البيت وأنا كأنصاري سأحصل فقط على حقي كعامل عليها، لكن هل حقا لدينا مهاجرون وأنصار؟ لايهم مادام البعض يصدق.
.تحط الطائرة الرئاسية ويتفرق الجمع وفي الطريق الى البيت يطلب غزواني من سائقه أن يقوم بجولة في المدينة فلابد للمسؤول من تفقد رعيته ولو بهذه الطريقة..الشارع مكتظ وفيه وجوه لمواطنين ألفهم لكنه أبعد عنهم..ياللحسرة..حرام..
بعد أشهر من الزيارة المباركة والعودة الميمونة نقص “العاملون عليها” المبلغ، كل بطريقته وتضاءل حتى أصبح مليار دولار وزعوه على الوزارات ثم اضمحل حتى لم يعد له من أثر ومازلنا نسأل الى اليوم أين الملياران، وفي كل مرة يرد الرئيس بأنهما في بطون المواطنين..لادليل على ذلك لكن أيضا لادليل على عكسه فالرجل تعلم بسرعة، ولعل سنواته في الحضانة في عهد سلفه علمته أن يتجاوز الأقسام الأولى من مدرسة النهب بسرعة وبدون تعثر ويوما من الأيام سيجلس في قصره وتحاصره ادارة خلفه في الصورة الشهيرة “حنن” ثم يتحدى الجميع بأن من فتح الملفات سيندم. وسيعترف للصحافة القليلة بأن لديه المال الوفير لكن لاسبيل للشعب اليه لأنه من حلال كما يقول.
ولأن “حنن” كان شريكا في نهبه كما يقول العقل والمنطق.
سنبل حصل على مليارين لكن على نهج أسلافنا الأفاضل في هذه الأرض، سيوزع مغنم “غيبته” على الأقارب أولا،سيرسل القلائد والأساور الى البنات وبنات العم ليتزوجن، وسيعطي المال للرجال ليشتروا الدواب الكثيرة ثم سيرسل ملحفتين من غاز القماش طبعا الى الطبقة العاملة على أن يعد الصانع بأنه سيضع الذهب بين يديه ليزنه فقط أو يصلحه، فالبريق الأصفر هبة للعينين وشم الغز والسمك للأذنين..وهذا ماستجنونه من رحلة سنبل..سنبل الذي عرفتموه هادئا لأنه يخطب ود ابنة البطرون أصبح شخصا آخر بعد المليون..تغير لأن لديه المال..الفرق أن سنبل كان يتصرف في ماله أما سنبلنا فيتصرف في مال أرسل معه للموريتانيين وبالتساوي لأنهم سيقضونه من جلودهم بعد سنوات.