بين 20 أكتوبر 1854 في مدينة شارلفيل و10 دجمبر 1891 في مارسيليا ولد ومات أحد أهم شعراء الفرنسية والعالم؛ آرثر رامبو الذي غيرت أعماله وأشعاره تاريخ الكتابة الشعرية، وأحدث انقلابا فيها عن عمر ناهز 37 عاما.
عرف التشرد ووالتسعكع في حياته، وجرب مكابدة الفقر وإن بدت موهبته الشعرية مبكرا حيث كتب نصوصا مهمة وهو في سن الخامسة عشرة.
في حوالي العشرين من عمره كتب أهم أعماله التي سيخلدها التاريخ، ونصوصه المفعمة بالقلق والتساؤلات الحادة التي ستثقب جلباب الأدب الفرنسي الكلاسيكي وتفتح نواف جديدة على عاولم فكرية وتأملات فلسفية وأدبية أثارت نقاشات نقدية ما فتئت تجدد، وإن لم ينشر إلا كتابا واحدا وهو “فصل في الجحيم”، إلا أنه توقف عن الكتابة الشعرية، واختط لنفسه مسارا حياتيا من الأسفار والمغامرات، واصله حتى آخر يوم من حياته.
كرس رامبو بعد صمته الشعري وقته لتعلم اللغات، وفي إطار رحلاته التي لا تهدأ التي جاب خلالها أندونيسيا وقبرص وهولندا ووصل إلى أثيويبا وعمل في مجال تجارة البن، كما وصل الشاعر الفرنسي الحالم بالثروة والمال والهارب من شرنقة الكتابة إلى اليمن، وعمل في مجالات شتى، وإن كان اشتهر ببيع السلاح، كما تكشف عن ذلك رسائله لعائلته، قبل أن يصاب بمرض أقنعه وأدى ترحيله إلى فرنسا وبتر ساقه، ثم وفاته بمرض السرطان وحيدا ومعدما في مستشفى بمدينة بمدينة مارسيليا الفرنسية، وإن كانت أعماله عرفت في تلك الفترة إقبالا ما، غير أن معظم النقاد كانوا يعتقدون أن كاتب هذه الأعمال توفي منذ فترة طويلة في مرحلة مبكرة من حياته، لتنبعث حروفه بعد موته، ويحقق مجده الأدبي الاستثنائي.
وهكذا أسدل الستار على حياة قصيرة، ولكنها مركزة لشاعر وطامح للثروة وقرصان، استندت عليه الكثير من المدارس الشعرية الحديثة في العالم؛ لا سيما المدرسة السوريالية، وقال عنه فيكتور هيغو إنه “طفل شكسبير”، وخلف أعمالا مهمة أثرت في من بعد من أهمها “نائم الوادي” و”المركب السكران”.