تفخر سيدة الأعمال الموريتانية عزة بنت بنيجارة بأنها من جيل أنفقت عليه الدولة الموريتانية مجاناً، حيث ولدت في مستشفى نواكشوط و درست في مدارس الحكومة، متنقلة بين ابتدائية التطبيق و ثانوية تفرغ زينة، ثم الثانوية العربية و الثانوية الوطنية، قبل أن تلحتق بجامعة نواكشوط، التي حصلت منها في عام 1998 على شهادتها (متريز في العلاقات الدولية).

و تفخر بنت بنيجارة كذلك بدورها ربةَ بيت، نجحت في المواءمة بين دورها كسيدة أعمال ناجحة مع مهمتها في رعاية بيتها وتربية أبنائها، حيث تتابع من موقعها كتاجرة دراسة ابنتها الكبرى في جامعة السربون، و تراقب تحضيرات ابنتها الثانية لمسابقة الباكلوريا هذا العام، و تعتني بصغرى بناتها في دراستها الثانية، و بآخر العنقود ابنها الذي يشرف هذا العام على نهاية المرحلة الإعدادية.

ترى بنت ابنيجارة أنها رغم تخصصها البعيد عن التجارة لم تجد بداً من مزاولتها، لأن المرأة الموريتانية تاجرة بطبعها، تقول عزة التي لم تستهوها السياسة و لم يجذبها بريقها، رغم أنها ابنة سياسي كبير، تبوأ منصب رئيس وزراء. و دخل السجن بعد الانقلاب على نظام كان من أساطينه، ثم عُيّن وسيطا للجمهورية، و هو المنصب الذي ظل يحتله إلى أن تقاعد.

تندم عزة كثيرا على عدم توليها وظيفة في القطاع  العام، رغم تشجيع والدها لها على ذلك، فقد آثرت تربية الأولاد و تدبير شؤون المنزل، فأضاعت بذلك – حسب قولها ـ عشرين عاماً من الدراسة..

 لا تزال عزة رغم نجاحها في أعمالها التجارية تغار من بعض صديقاتها – و كنّ قليلات – اقتحمن الوظائف العمومية، 

تعترف بنت بنيجارة أن كسلها هو ما منعها من التوظيف، و لكنه كان للصدفة المحضة دورا مشهودا في حياتها، فوجدت نفسها “تاجرة” تقتحم عالم الأعمال برباطة جأش، بعد أن كبر أولادها و تسلل الفراغ إلى حياتها اليومية.. 

تقول عزة”إن الحصول على تمويل مشروعها لم يكن مشكلة.. فالرجل الموريتاني كريم بطبعه، و النساء الموريتانيات يعشن ملكات، يتصرفن كما شئن في أموال رجالهن، سواء كن زوجات أو أمهات أو أخوات أو بنات.. كما أنه ليس مطلوباً منهن أن ينجحن في مشاريعهن التجارية”.

و ترى بنت بنيجارة أن “المرأة الموريتانية تتوفر على حماية فوق القانون، بموجب العادات و التقاليد، التي تجعل منها عمامة الكريم و حذاء اللئيم، فإذا فشلت في مشروع اقتصادي لم تنتطح في الأمر شاتان، فمن حسن حظها أن لا أحد يلومها على فشلها أو  يطلب منها رد التمويل.. و “هذا ما لاتجده في بقية دول العالم”، تقول بنت بنيجارة.

تمويل المشروع كان بجهد ذاتي، و ترفض بنت بنيجارة الكشف عن رأس المال الذي بدأت به المشروع، مؤكدة أن الأرقام ليست مهمة، المهم أنه كان تمويلا متوسطاً، و قد بدأته بتجارة الذهب حين كانت أسعارة عادية و في حيز المعقول.. كما قامت بتصميم “الملاحف” و رسمها و إرسالها للسعودية لتصنيعها ثم بيعها في نواكشوط.

“التجارة واعدة في موريتانيا، و الدليل على ذلك إقبال المستثمرين الأجانب علىها.. خلال العشرين سنة الأخيرة أثبتنا جدارتنا في فن التجارة، وقمنا بتطوير طريقتنا فيها بعد أن كانت تقليدية” تقول بنت بنيجارة.

تتحدث بنت بنيجارة بحسرة عن عقبة اعترضت طريقها، حيث ساد الاعتقاد باستهداف مشروعها للميسورين دون المعسرين، فلم يعد وجهة ذوي الدخل المحدود، الذين لم يدركوا -تقول بنت بنيجاره- أن مشروعها يستهدف الجميع، فبعض أطقم مجوهراتها لايتجاوز سعره 12000 أوقية.

تعتقد سيدة الأعمال الطموح بنت بنيجارة أنها قطعت مشوارا على طريق النجاح، لكنها لا تزال أمامها خطوات أخرى، معتبرة أن مشروعها “فيلا الخير” حقق نجاحاً كبيراً، و شارك في أكسبو دبي مشاركة ترفع الرأس -حسب تعبيرهاـ، فقد دفعت مبالغ مالية معتبرة لتكون من ضمن أول المشاركين في الأكسبو، مما سمح لها بفتح معرض فيه على مدار ستة أشهر”. تقول بنت بنيجارة “برهنت على أن موريتانيا استثنائية، بتعددها العرقي و ثرائها  الثقافي، و نقلت للعالم ذلك الجانب الإفريقي من الثقافة الموريتانية عبر الحلي”.

تحلم بنت بنيجارة على الانتشار من خلال مشروعها “فيلا الخير” في البلدان الإفريقية. خصوصا السنغال ومالي و المغرب، كما تحلم بتأسيس مشروع خيري يقدم المساعدات لمرضى الفشل الكلوي، فحين كانت بنت بنيجارة طفلة صغيرة، أصيبت بجرح طفيف قام طبيب في مستشفى نواكشوط بمعالجته في غرفة غسيل الكلى، لتصاب جرّاءها بفوبيا من هذا المرض.

رغم نجاح مشروع بنت بنيجارة التجاري، فهي لا توظّف غير حارس أمني و سكرتير خاص و مندوب إعلامي.

وتفتخر عزة بأنها قدمت الأوقية الموريتانية، التي هي رمز سيادتها في “أكسبو دبي”، أمام الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، و ذلك بمناسبة عيد الاستقلال الوطني.

ثم تتطلع بنت بنيجارة إلى السماء و تقول كمن يهمس في أذن المستقبل: المشوار ما زال طويلاِ يا بنت بنيجارة.!.

محمد ولد أحمد العاقل