في الثالث من أغشت 2020 أعلنت مغلاها منت الليلي عبر صفحتها على الفيسبوك عن توقيع عقد إنتاج مسلسل تلفزيوني من تنفيذ مؤسسة media plus وبتمويل من وزارة الثقافة والصناعة التقليدية، ووقع العقد من طرف الوزارة عن طريق مغلاها منت الليلي مستشارة بالوزارة ورئيسة اللجنة المكلفة بالإشراف على إنتاج المسلسل، وعن الجهة المنتدبة للإنتاج الممثل سالم دندو مدير مؤسسة ميديا بلس، وذلك بحضور المدير المالي للوزارة سيدي محمد ولد جدو.

وأكدت المستشارة حينها أن البدء في عملية تصوير المسلسل سيكون خلال أسبوعين، وهو ما لم يحدث؟!

فبعد سبعة أشهر من عقد التوقيع وبالتحديد في الرابع من مارس عام 2021، أعلن عن بدء تصوير المسلسل في حفل بمطعم “بالاسيو” في نواكشوط.

ما السبب الذي جعل فريق العمل يتأخر كل هذه المدة ويفوت فرصة عرض المسلسل في شهر رمضان؟!

المنتج فؤاد ولد الصفره تحدث في بث مباشر عبر صفحته بفيسبوك عن فساد كبير داخل قطاع الثقافة وخاصة في مجال إنتاج السينما، واتهم ولد الصفره مدير شركة ميديا بلس المنتجة لمسلسل “الأكاديمية” الممثل سالم دندو بالاستيلاء على الميزانية المخصصة لانتاج المسلسل وهو ما يفسر تأخر تصوير المسلسل كل هذه الفترة.

بعد ذلك ظهر مخرج المسلسل الشاب الناجي سيدي لينفي كلام ولد الصفره بشأن الميزانية مؤكدا على أن التمويل المخصص للمسلسل لا يزال موجودا، دون توضيح منه لسبب تأخر التصوير، مدعيا أن الطاقم المشرف على الإنتاج لديه استراتيجية عمل ترتكز على عدم تسريب أي معلومات خارج ميدان التصوير.

وفي حديث خص به “تقدمي” صرح فؤاد ولد الصفره أنه لا توجد لديه أدلة كافية لتحديد المبالغ التي قدمت وزارة الثقافة لدعم المسلسل، لكن ماهو متأكد منه حقا هو وجود لوبي فساد داخل القطاع يعمل منذ سنوات على ابتلاع كل التمويلات التي تخصصها الوزارة لدعم الإنتاج الدرامي، دون أن يقدموا للمشاهد شيئا يستحق المشاهدة.

حاولنا الاتصال بمستشارة الوزير السيدة مغلاها منت الليلي رئيسة اللجنة المشرفة على إنتاج هذا المسلسل في سعي منا لمعرفة السبب الحقيقي وراء تأخر تصوير هذا المسلسل، ولم نجد منها إجابة لحد الساعة.

تمويل أشخاص أم تمويل مسلسلات؟

مع حلول شهر رمضان بدأت قناة الموريتانية عرض مسلسل “العائلة” هو الآخر بدعم من وزارة الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان.

نفس الوجوه تقريبا التي ظهرت في مسلسل “جمل الدهر” العام الماضي، تلعب دور البطولة في مسلسل “العائلة” هذا العام، باستثناء ممثلين في أدوار ثانوية، إلا أن هذا العام الأمر مختلف؛ ففي أول يوم وبعد عرض الحلقة الأولى، انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي موجات من السخرية، تناولت أداء الممثلين وخاصة ما يتعلق بالحوارات، ويرجع النقاد ذلك إلى عدم وجود نص أصلا، وبالتالي على الممثل أن يرتجل من عند نفسه، وهو ما يجعله مرتبكا أثناء حديثه.

وفي لقاء أجرته صحيفة تقدمي مع الممثل عالي ديده حول ما إذا كان هذا المسلسل يستحق كل المبالغ التي صرفت عليه، أم أن تلك المبالغ ذهبت في اتجاه مختلف؟

يعتقد عالي ديده أن التمويلات التي تقدمها الوزارة عادة ليست كافية لإنتاج عمل سينمائي في مستوى تطلعات المشاهد الموريتاني اليوم، وأن المحتوى الذي يعرض على الشاشة اليوم يمكن إنتاجه بمبلغ مالي بسيط، أقل بكثير مما خصص له، خاصة أن التمويل لا يمنح على أسس ومعايير فنية.

ويضيف أن الوزارة منحت تمويل مسلسل العائلة لأشخاص معينين دون تقييم للنص الذي هو غير موجود أصلا، وبنفس الطريقة تم اختيار الممثلين وفق اعتبارات شخصية، وغالبيتهم لا علاقة له بالفن لا من قريب ولا من بعيد.

وأكد أن هناك شبابا موريتانين يستطيعون إنتاج ما هو أفضل بكثير، لكن يتم تجاهلهم من طرف الوزارة كلما حاولوا الحصول على دعم منها، رغم ما يقدمونه من مشاريع فنية راقية، لكن الوزارة لا تدعم سوى الوجوه المعروفة التي لا تقدم شيئا يرقى إلى درجة يمكن تصنيفه من خلالها بأنه عمل سينمائي، بل كل ما تقدم هذه الوجوه لا يعدو كونه مشاهد هزلية لا تحمل أي قيمة فنية حقيقية.

بعد ذلك حاولنا الاتصال بوزير الثقافة للاستفسار عن تمويل إنتاج مسلسل الغابة، وهل الوزارة راضية عن جهة الإنتاج، لكن الوزير للأسف لا يرد على هاتفه، كما أنه لا توجد أي معلومات بهذا الخصوص على موقع الوزارة ولا على أي منصة ألكترونية أخرى تابعة لها، وهو ما يخالف قواعد الشفافية التي تعتبر من أهم معايير الحكامة الرشيدة.

سيناريو غير مرغوب فيه

في أول يوم من رمضان الجاري، ظهر المنتح حماده سيداتي في فيديو عبر صفحته على الفيسبوك ليرد على تساؤلات جماهيره التي استفسرت كثيرا؛ لماذا لم ينتج جزءا جديدا من سلسلة “العم حماده”.

تلك السلسلة تعتبر من أهم الانتاجات الدرامية التي عرضت على شاشة التلفاز في رمضان من العام الماضي، ونالت إعجاب جمهور المشاهدين، لما تحتويه من معالحة بسيطة لقضايا مجتمعية في قالب من الكوميديا العفوية.

أكد حماده أن السبب الرئيس في عدم انتاج جزء من هذه السلسلة يتمثل في رفض وزارة الثقافة لتقديم الدعم المادي للشركة المنتجة، على عكس وزير الحكومة السابقة الذي قدم له الدعم بشكل فوري عند طلبه.

عنه

وصرح حماده بأن الوزير الحالي السيد لمرابط ولد بناهي وعده في البداية بتقديم الدعم اللازم للانتاج، وربطه بالتلفزة الموريتاينة، ليقدم لها السيناريو، ليتفاجأ بعد ذلك برفضهم للسيناريو بحجة أنه غير مرغوب فيه، وبالتالي عليه أن يكتب سيناريو جديد، وهو ما لم يعد الوقت يتسع له مع حلول شهر رمضان موعد العرض.

لم تدعم الوزارة إنتاج سلسلة العم حماد، ولم تبين قناة الموريتانية السبب الذي جعلها ترفض السيناريو، هل لعيب في شكله، أم لتناوله مواضيع تدخل ضمن دائرة ما يحرم عرضه على الشاشة عمومية؟!!

يرى حماده في اتصال أجريناه معه؛ أن قناة الموريتانية لم ترفض السيناريو الذي تقدم به، بل على العكس من ذلك، فقد أشاد محمد محمود ولد العتيق بأعماله السابقة وبالسيناريو المقدم حينها، لكن الأمين العام لوزارة الثقافة أراد اختلاق هذه القصة ليوفر لنفسه وللوزير فرصة أخرى يبدأون من خلالها في مسلسل جديد من المماطلة وإعطاء المواعيد الفارغة.

وتحدث “العم حماده” _كما أحب تسميته_ عن انتقائية تنتهجها الوزارة في برنامج دعم الإنتاج الدرامي حيث تقدم الدعم لجهات معينة، معروفة، دون أخرى، وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلا.

ويرجح ولد سيداتي أن سبب رفض دعم سلسلته من طرف الوزارة قد يعود لصورة التقطها قبل فترة مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، ألا يحق لي التقاط صورة مع من أشاء؟ أليس من حقي أن أطلب الدعم من أي جهة؟ يتساءل حماده.

محمدن محمد فال