بخطى ثابتة وروتينية ييمم إدومو وجهه صوب الشاطئ استعدادًا لموسم جديد، بعد عطلة بيولوجية حتمت على الصيادين أخذ استراحة موسمية من صيد سمك الأخطبوط.

فور وصوله إلى الشاطئ يستأنف نشاطه المعتاد إستعدادا لإبحار قريب، حاملا على كتفه قوارير البلاستيك كما يحمل أي صياد تقليدي هموم الموج وقهر الطبيعة.

يتبادل النظرات وأطراف الحديث مع زملائه، ويصافح فيهم الأمل باقتناص ما تجود به الأعماق.

ولأنه لكل صياد مع البحر قصته الخاصة، فقد كانت قصة ادومو مع البحر مبللة بالموج الصاخب،مشكلة تقاسيم سيرة ذاتية لعلاقة الصياد بالبحر، بكل ما تحمله من خيبة وانتصارات.

يعترض إدومو على الإعتقاد السائد بإغلاق موسمي للبحر، مبررا ذلك بأن ثروات المحيط أكبر من أن يتم اختزالها في مجرد صيد الأخطبوط، وأن رحلة الماء والملح هي رحلة استمرار ومداومة.

لإدومو وكاسات الشاي المستظلة بظل الزوارق ثلاث التزامات وجودية مع: البحر والشعر وباي بيخا.

 

وإذا كان الشعر العربي الفصيح قد امتاز ستة عشر بحرا، فإن ادومو قد ابتدع لنفسه بحرا خاصا في اللهجة المحلية قوافيه الموج والإنحياز لهموم البحارة يسميه “توصيل فكرة” 

حوادث البحر لا تختلف إلا بحسب وقعها وظروف وقوعها، لذلك كانت ذاكرة ادومو مؤثثة بثلاث حوادث أليمة على وجه الخصوص دون غيرها.

لا يتوقف إدومو عن محاولة ترويض الموج بملاعبته في ختام يوم من تعب التحضير للإبحار بغرض الحصول على راحة آنية توفرها أصواته.

ليشمر عن ساعديه بعد ذلك ميمما وجهه صوب المدينة، وإحدى عينيه على إبرة البنزين والأخرى على حركة الشارع، لعل وعسى أن ترمي الأقدار في طريقه زبناء متجهين إلى دوار مدريد، هناك حيث يفصل بين هوية البحر ومزاولة عمل المدينة رغم تشابه الملامح.

يلخص ادومو سردية كفاح الإنسان البسيط من أجل حياة حرة وكريمة بإمكانات لا حدود لها، لتجربة قوة الإنسان وضعفه في آن واحد.