في منتصف عام 2018، قدم مستثمرون أردنيون إلى نواكشوط، للاستثمار في “صناعة السجائر”، وحصلوا على ترخيص من وزارة التجارة والصناعة، بإنشاء مصنع في نواكشوط ، بمساعدة رجل الأعمال احميده ولد بشراي المقرب حينها من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.

فيما بعد اتضح أن الشركة كانت فقط تقوم بتعليب علامة Marlboro، وتصديرها إلى دول مجاورة، وذلك بعد أن قامت عناصر من الجمارك بتفتيش المصنع، بعد ذلك بأكثر من سنتين، أي في أواخر عام 2020.

التفتيش أسفر كذلك عن اكتشاف عدم وجود أي ترخيص مسجل لدى وزارة التجارة لأنشطة الشركة في موريتانيا رغم أنهم قدموا وثيقة تفيد الترخيص لهم من طرف وزيرة التجارة سابقا خدجة بنت امبارك فال، مما فتح الباب أمام أسئلة كثيرة.

خيوط القضية

مساء الحادي عشر ديسمبر عام 2020، قامت عناصر من الجمارك الموريتاني بتفتيش باص، عند النقطة 25 شمال نواكشوط، كان في طريقه إلى نواذيبو، ووجدوا على متنه 196 كرتونا من السجائر، أكد السائق أنها قادمة من مصنع للسجائر تابع لشركة AMIP، الواقع مقرها في تفرغ زينه على طريق انواذيبو.

تم إيقاف الباص، وحجز حمولته، وفي الصباح الموالي، قام عناصر من الجمارك بتفتيش مخزن الشركة بحضور مسؤولين عنها. ليكتشفوا وجود 804 كرتونة أخرى كانت مخزنة في المصنع، إلى جانب آليات تصنيع وإنتاج السجائر، وبعض المواد الأولية.

قدرت قيمة كمية السجائر المصادرة، بحوالي 35 مليون أوقية قديمة، في حين قدرت قيمة وحدات الإنتاج والمواد الأولية بأكثر من 67 مليون أوقية قديمة.

تم اتهام الشركة بحيازة بضائع محظورة دون ترخيص، ومع أنها استظهرت ترخيصا، إلا أنه لم يوجد له أصل لدى وزارة التجارة، وبالتالي اعتبر مزورا.

طلب مدير الاستعلام والتحقيقات الجمركية، من محكمة ولاية نواكشوط الغربية الحكم على الشركة، بتسديد مبلغ 050 046 3 أوقية جديدة، كحقوق مستحقة لخزينة الدولة؛ إضافة إلى مبلغ 504 772 20 أوقية جديدة، كغرامة تمثل ضعف قيمة الأشياء المحجوزة، علاوة على السجن.

السؤال المطروح

بعد عدم العثور على أي أصل لترخيص أنشطة هذه الشركة، لدى وزارة التجارة والصناعة، كما أكدت الوزيرة الناها منت مكناس حينها، فتح الأمر الباب أمام عدة تأويلات؛ قد يكون الترخيص الذي قدمته الشركة مزورا، وهو أمر مستبعد بنسبة كبيرة، نظرا إلى شكله، وربما لم تقم الوزيرة خدجة منت امبارك فال التي منحت الترخيص، حينها بتسجيله في أرشيف الوزارة، نظرا لوجود شبهات حول الظروف التي قدم فيها المستثمرون إلى موريتانيا، وعلاقتهم برجل مقرب من الرئيس آنذاك.

كما أنه من الاحتمالات المطروحة أن يكون الرئيس السابق الذي كان شريكا لولد بشراي، وراعيا لنشاطاته هو من أمر بعدم تسجيل الرخصة، التي قد لا يخفى عليها أنها موضع شبهة، لدى وزارة التجارة، حتى إذا تم اكتشافها، بدا و كأنه ليس للدولة فيها يد، فيبوء بتجاوزاتها القانونية المستثمرون الأجانب.

المستثمرون الأردنيون في البداية صرحوا أن رأس مال الشركة لا يتجاوز 1 مليون دولار، وبعد ذلك اعترفوا أن قيمة استثمارهم تبلغ زهاء 5 ملايين دولار، وطالبوا بعد مصادرة بضائعهم وآلياتهم، باسترجاع المصنع، وهو ما رفضته السلطات الموريتانية، التي عرضته للبيع في مزاد علني في نوفمبر من العام الماضي، كما توضح الوثائق.