قال سيدنا عالي ولد سيدي ولد الجيلاني (رئيس محكمة الحسابات في موريتانيا) إن عددا من الدول العربية تعاني من ظاهرة الفساد العالمية بأنواعها المتعددة، رغم ما يبذل في سبيل التوعية بمخاطره و في سبيل محاربته.

و قال سيدنا في افتتاحية كتبها لمجلة الرقابة النصف السنوية التي صدرت يوم أمس عن الهيئة العربية للرقابة المالية إنه كان من الصعب القضاء على ظاهرة الفساد من طرف دولة واحدة، مما جعل الحاجة ماسة لتعاون دولي، و الذي يعتبر من أبرز وسائله و أشجعها إبرام اتفاقيات و المعاهدات الدولية.

و قال ولد الجيلاني  إن من أهم هذه الاتفاقيات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 لكونها أحدث و أشمل اتفاقية دولية تعنى بالظاهرة.

 و فيما يلي نص الافتتاحية كاملة:

افتتاحية

 تشكل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صودق عليها بتاريخ 9 ديسمبر 2007 بمدينة مريدا بالمكسيك ، الوثيقة القانونية الدولية التي تتناول موضوع الفساد بهذا الشكل المتكامل والشامل ، ويعد دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ خطوة هامة في مجال التشريع المضاد للفساد ، كما تعتبر حتى الآن أهم وثيقة قانونية توصل إليها العالم الحديث في الموضوع ، حيث تم إنجازها بصورة توافقية بعد جهود مكلفة ومفاوضات حثينة شاركت فيها حوالي 128 دولة ، ومجموعة كبيرة من وكالات الأمم المتحدة ، ومنظمات حكومية دولية . ومنظمات غير حكومية.

 وتتضمن هذه الاتفاقية أحكاما متعددة تمثل في مجملها تطورا نوعيا هاما سواء على صعيد وسائل وأدوات المكافحة أو على صعيد المفاهيم والآليات التي استحدثت خصيصا للاحاطة بظاهرة تتخطى حدود الدول وتتجاوز أليات المكافحة التقليدية لاسيما في الجانب المتعلق بنقل وتهريب الأموال المحصلة من جرائم الفساد ، إذ تتضمن إطارا شاملا وأساسا واضحا للتنسيق بين الدول في مواجهة كافة جرائم الفساد وتسليم المجرمين.

 ويعاني عدد من دولنا العربية من ظاهرة الفساد العالمية بأنواعها المتعددة رغم كل ما يبذل في سبيل التوعية بمخاطره وفي سبيل محاربته.

ولأن ظاهرة الفساد تتجاوز حدود الدول فقد كان من الصعب القضاء عليها من طرف أي دولة منفردة ، مما جعل الحاجة ماسة للتعاون الدولي ، والذي يعتبر من أبرز وسائله وأنجع سبله إبرام الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ، لعل من أهمها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2013 ، كونها أحدث وأشمل اتفاقية دولية تعنى بهذه الظاهرة ، وهو ما يستلزم دراستها والتعرف عليها وعلى مدى تواؤمها مع القوانين والتشريعات الوطنية لمختلف بلداننا خاصة منها تلك المتعلقة بأنشطة واختصاصات أجهزتنا العليا للرقابة.

 وهذا ما يستدعي توجه اهتمامنا على مستوى المنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة إلى دراسة وتحليل هذه الاتفاقية من أجل الاستفادة منها في سبيل تطوير وإثراء الإطار التشريعي والرقابي المتعلق بالجهود التي تبذلها أجهزتنا الرقابية في سبيل مكافحة ظاهرة الفساد الهدامة والمعمقة لمختلف جوانب التنمية لاسيما في ظل الظرفية الحالية التي تعاني فيها مختلف بلداننا العربية من التحديات والمعوقات التي يفرضها تفشي جائحة كوفيد 19 والتي نسأل الله العلي القدير أن يحفظ كافة بلداننا منها.

 سيدنا عالي ولد سيدي ولد الجيلاني/  رئيس محكمة الحسابات بالجمهورية الإسلامية الموريتانية العداد 

مجلة الرقابة المالية