وُلد محمد سالك ناجم، في نواكشوط، عام 1976، أي قبل عامين من أول انقلاب تعرفه البلاد. ويحاول اليوم، بعد 46 عاما، تغيير واقع بلدية تفرغ زينه، وهي أهم بلديات العاصمة، ليس فقط من ناحية الكثافة السكانية، وإنما لكونها، علاوة على ذلك، تحتضن مركز العاصمة الاقتصادي والإداري.

ويؤمن سالك ناجم بقدرة التعليم على إحداث التغيير المنشود، لذلك يتخذ من ترقيته محورا أساسيا في برنامجه الانتخابي، إضافة إلى محاور أخرى تتعلق بدعم الشباب، وخلق فرص عمل، والتخفيف من وطأة عدة ظواهر مشينة تعاني منها البلدية، على غرار أزمات المرور الخانقة في أوقات الذروة، تنضاف إلى ذلك فكرة الميزانية التشاركية التي يسعى إلى تحقيقها ليصبح بذلك أول عمدة يشرك السكان، بشكل مباشر، في تسيير وتوجيه ميزانية الاستثمارات بنسبة قد تصل 25%.

سالك ناجم، الذي قرر الترشح لمنصب عمدة بلدية تفرغ زينه، من خلال تحالف “أمل موريتانيا”، تحدث إلى تقدمي عن برنامجه السياسي، وطموحاته الشخصية، وأمله في التغيير.

– حدثونا في البداية عن حياتكم السياسية، كيف بدأت؟

– حياتي السياسية، تقتصر ربما على النضال في فترة التسعينات، حين كنت عضوا في الحركات السياسية اليسارية، وكنت من المعارضين لنظام الرئيس الأسبق، معاوية ولد سيد أحمد الطائع.

وبعد عودتي إلى البلاد عام 2006، توجهت إلى العمل الحقوقي، حيث أنشأت منظمة تعمل داخل السجون للدفاع عن حقوق المساجين كما عملت مع عدة منظمات حقوقية، منها منظمة تعمل في مجال الرفق بالحيوان، ومنظمات أخرى تعمل في مجال مكافحة الرق، كمنظمة “نجدة العبيد”، و”ميثاق لحراطين” الذي كنت نائبا لرئيسه.

لقد فرضت علي طبيعة عملي مع المنظمات الدولية، أن أبتعد قليلا عن المشهد السياسي في البلاد، لكنني كنت خلف الكواليس بشكل شبه دائم.

– ما هو انطباعكم عن الوضع السياسي في موريتانيا؟

– الوضعية السياسية في موريتانيا معقدة جدا، وما زالت تعاني من مخلفات “حزب الشعب” و”هياكل تهذيب الجماهير” و”الحزب الجمهوري”، حين كانت الدولة تعطي للمواطن بعض الفُتات مقابل انتخاب مرشحيها في الاقتراعات، والمواطن بدوره يعتقد أنه يجب أن يصوت لمن يعطيه ذلك الفُتات، وليس لمن يسعى إلى خلق فرص عمل، وتوفير حياة شريفة للمواطنين، وهذا من تجليات ارتباط المواطن بالدولة بشكل وثيق، باعتبارها أكبر مشغل في البلاد.

هناك أيضا ما يتعلق بالجانب القبلي والإثني، الذي يتحكم في الوضع السياسي بشكل كبير، علاوة على المال، الذي أصبح أكبر العوامل التي تسيطر على المشهد السياسي، فأي مترشح يجب أن يقدم الأموال للناخبين، بدل وعود انتخابية، لأن هذه الأخيرة لا يتم تنفيذها في أغلب الأحيان.

لكن هذه الانتخابات بالتحديد، ستشهد نوعا من التحولات، بفعل التغيرات الديمغرافية، وانتشار وسائل التواصل الجديد، حيث تغير هرم السن لدى السكان، كما بدأ تأثير القبيلة في الانحسار شيئا فشيئا، كذلك الأمر بالنسبة لتأثير الحزب الحكام.

ففي تفرغ زينة مثلا، نسبة 87% من الناخبين، هم من الفئة العمرية تحت 40 سنة، وهناك بعض الأشخاص سيصوتون لأول مرة، وبالتأكيد الحزب الحاكم مدرك لهذه التطورات، وبالتالي فهو يعتبر الاستحقاقات القادمة، اختبارا مهما قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل.

– هل تعتقدون أن تراجع المعارضة التقليدية في البلاد، فتح الباب أمام تشكيلات سياسية جديدة ستنافس النظام بقوة في الانتخابات؟

– نعم، هناك خارطة سياسية جديدة بدأت في التشكل، لأن “الطبيعة لا تحتمل الفراغ” كما يقال، والأحزاب المعارضة التقليدية لم تفكر في من سيتولى المهمة بعد تقدم زعمائها في العمر، وبالتالي لم يكن هنالك تبادل مهام، ولم يتم تحضير أجيال جديدة لتمسك زمام الأمور، فكان من الحتمي أن تنحسر المكانة السياسية لهذه الأحزاب، وهذا بطبيعة الحال ما تعاني منه أيضا هيئات المجتمع المدني.

– ما هو تقييمكم لعمل بلدية تفرغ زينه حاليا؟

– العمل الذي يجب أن تقوم به البلدية معروف، لكن هنا في موريتانيا قد نصف شخصا على أنه يقوم بعمله بشكل جيد، وحين تسأل عن إنجازاته، سيخبرونك بأن مكتبه مفتوح دائما للزوار، وأنه ربما في مرة من المرات قام بتوزيع سلات غذائية على بعض المحتاجين.

بالنسبة لي، بلدية تفرغ زينه، لا تقوم بعملها على الوجه المطلوب، وليس لديها أي أفكار ولا استشراف للمستقبل، ولا تواكب حتى ما يحدث من تطورات في العالم على هذا الصعيد.

والطريقة التي يتم بها تسيير هذه البلدية، هي طريقة غير مفهومة، لأني شخصيا كمرشح، لم أتوصل لحد الساعة بأي معلومات -رغم بحثي- توضح حجم ميزانية البلدية، ومصادر مواردها المالية، وما إلى غير ذلك، كما أننا لم نشاهد أي إنجازات تذكر، سوى أن البلدية قامت بتغيير واجهة مبناها الرسمي، ونشرت بعض اليافطات في الشوارع، تخبر الناس أن تفرغ زينة مدينة جميلة، بيد أن واقع تفرغ زينه له رأي آخر، وحياة المواطنين لم تعرف أي انعكاسات ناتجة عن برامج البلدية.

– ما هي أهم محاور برنامجكم الانتخابي؟

– بالنسبة لبرنامجنا الانتخابي يقوم على نقاط واضحة، وقابلة للتنفيذ بشكل كبير، وستنعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين، حيث نستهدف ترقية الخدمات في هذه البلدية، بشكل يواكب متطلبات العصر، ويلبي طموحات الساكنة.

فيما يخص التعليم مثلا، نسعى إلى العمل على صيانة المباني المدرسية، وتزويدها بمكتبات ونقاط صحية، ومساحات خضراء، وفضاءات للترفيه، بالإضافة إلى تكوين المدرسين على الأساليب التربوية العصرية، ووضع برنامج كفالات مدرسية، ونظام نقل شامل، وتنظيم رحلات صيفية للتلاميذ.

وعلى مستوى الخدمات الصحية، سنعمل على صيانة المراكز الصحية، وتعقيمها بشكل دوري تفاديا لانتشار العدوى، فضلا عن دعم برامج تطعيم الرضع والأطفال، ووضع برنامج خاص بالتعبئة والوقاية من الأمراض.

وفي ما يتعلق بالقمامة، فلدينا برنامج لوضع نظام خاص بجمع ومعالجة النفايات، وسيخلق فرص عمل كبيرة لصالح الشباب، كما سنقوم بنشر حاويات القمامة بشكل مكثف في الأسواق والشوارع.

ومع أن بعض الناس يعتبر مسألة النظافة ليست من صلاحيات البلدية، إلا أن القانون ينفي ذلك، فجمع القمامة ومعالجتها، وتنظيف الشوارع، من ضمن صلاحيات البلدية، ونحن سنقوم باسترجاع هذه الصلاحيات من الجهة التي انتزعتها.

نسعى كذلك إلى ترقية المجال الثقافي والرياضي، عن طريق إنشاء عدة مرافق ثقافية وأخرى رياضية، كما سندعم الشباب عن طريق إنشاء مركز لتبادل الخبرات والمهارات، وهو مركز يقوم على ربط المستفيدين بالمتطوعين، إضافة إلى مساعدة الشباب في تسويق الخدمات التي يقدمون عبر الانترنت.

كما سنعمل على تحسين واجهات الطرق، ومواقف السيارات، بالإضافة إلى تكوين عمال لمساعدة أمن الطرق في تسيير حركة المرور، مع توفير رقم أخضر يتصل به المواطنون في حالة أن سيارة أو شجرة تعطلت أو سقطت على الطريق وسدته، لتأتي مصالح البلدية على الفور وتنتزع تلك العرقلة.

وسنضع برنامجا خاصا لمراقبة نظافة الأسواق والمطاعم والمجازر، عن طريق مساعدة أصحاب المحلات، وتوفير معدات النظافة والسلامة الشخصية لصالحهم.

– ما هي الآليات التي ستعتمدون لتجسيد برنامجكم الانتخابي على أرض الواقع؟

– هناك آليتان رئيسيتان، الأولى تتمثل في تعبئة الموارد اللازمة، والثانية تتعلق بالتسيير الشفاف لهذه الموارد.

ونحن سنقوم بإنشاء موقع ألكتروني، سينشر بشكل يومي مداخيل البلدية ومصروفاتها، وهذا هو مبدأ “الشفافية التامة” الذي سنعتمده في تسييرنا للموارد.

كما سنعتمد آلية أخرى، نعتبرها ثورية ورائدة وغير مسبوقة في بلادنا، تتعلق بالتسيير التشاركي لميزانية الاستثمارات، ففي العام الأول سيغطي ذلك نسبة 10% من ميزانية البلدية، حيث سنستدعي الناشطين في المجتمع المدني، ورؤساء الأحياء، والشباب، وأعضاء الأندية الثقافية والرياضية، وسنبحث معهم اقتراح برامج أو مشاريع تهم المواطن، وتخدم مصالحه. وفي مراحل أخرى، ربما نزيد حجم نسبة التسيير التشاركي لتصل، تدريجيا، 25%، وهي بالمناسبة فكرة تم تطبيقها في عدة بلدان حول العالم، ولاقت نجاحا كبيرا.