اخترنا هذه المرة أن نقترب من مفهوم الزمن وسيلانه لدى الكتاب، وذلك عبر سبر آرائهم حيال عام كامل مضى بكل تفاصيله، بفراشه وأتراحه، بمشاريعه المتحققة وتلك المعلقة. عام طبعته جائحة كورونا وما تركته من تداعيات على الأفراد والمجتمعات.

كيف يرى الكتاب هذا العام، وما هي أهم المحطات التي كانت فارقة بالنسبة لهم خلاله؟ ثم ما هي المشاريع الإبداعية التي تحققت وتلك التي تعثرت ولماذا؟

وأخيرا كيف يرون الأفق في مستهل السنة الجديدة، مفتوحا أو غائما، واعدا أم مقلقا، وما هي أهم المشاريع في هذا السقف الزمني الخاص بالعام الجديد 2022؟.

حملنا مجموعة الأسئلة هذه إلى كتاب وشعراء ومثقفين وفنانين موريتانيين وعربا، فكان الردود متباينة والآمال متنوعة والآراء ثرية.
عندما طرحنا هذه الأسئلة على الروائي أحمد ولد إسلمُ أجاب بقوله “سنة 2021 كانت سنة جميلة على مستوى الانتشار، حيث نشرت الطبعة الثانية من رواية (حياة مثقوبة) في بدايتها، ونشرت في منتصفها رواية البراني وحظيت بإقبال منقطع النظير من القارئ الموريتاني كما استقبالها المجمتع الثقافي العربي استقبالا حسنا ونشرت عنها عدة عدة مقالات في أهم الصحف والمواقع الاخبارية والأدبية كالجزيرة نت وصحيفة الاندبندنت البريطانية وموقعي ضفة ثالثة ورواية.نت.”
وبخصوص ترجمة أعماله قال الروائي ولد إسلمُ “ترجمت مجلة دابليو دابليو بي الأمريكية مقاطع من الرواية واعتبرتها من أفضل ما نشر عام 2021، وفي نهايتها نشرت جامعة ايست انجليا قصتين قصيرتين مترجمتين من مجموعتي القصصية انتظار الماضي.
واختارت جامعة اسطنبول في تركيا اثنتين من المجموعة للتحليل من طرف طلاب في قسم الآداب العربية المعاصرة. فهي على العموم كانت سنة جيدة”.
اما بالنسبة للشاعر والناشر السوداني متوكل زروق، فقد أجاب هو الآخر على هذه الأسئلة من زاويته، بادئا حديثه عن رؤيته للزمن والسنين بقوله “ربَّما في كثيرٍ من الأحيان تكتسب السنينُ أهميتها وقيمتها ومكانها في محفظةِ الذكريات من خلال الأحداث التي مرَّت عليها، وربَّما بغير ذلك لا تعد سوى مسألة أخذٍ من حُفرة العمر وعدَّادًا وحصَّالةً نهائيةً للأيامِ والأسابيع والأشهر.
على الصعيد الشخصي، فقد كان العام 2021 عاماً ذا أهميةٍ كبيرةٍ حفر تفاصيله في الذاكرة والعمر، على مستوى الهمين العام والخاص، لأنه كان وابلاً من الأحداث الكبيرةِ والمتتابعة، المفرحة والمحبطة والدخانية التي تتفلَّتُ من بين أصابع التوقُّعِ وتفرُّ عن مُقلِ التخمين.
ثم عرج زروق على الوضع السياسي في السودان “على الصعيد العام تأتي مسألة الهم الوطني، فقد عاش بلدنا أوقاتًا عصيبةً ومحبطة، تعطل فيها قطارُ ثورة ديسمبر المعلمة في كثيرٍ من المحطات، لقد تكالبت على ثورتنا التقاطعات الدولية والمصالح وأهواء أبناء البلد الذين تقاسموا انفاسهم وكل ما ملكوا لقيام الثورة ثم فرَّقتهم السلطة، لقد وقعنا بعد سقوط الطاقية بين مطرقة العسكريين الباطشة وسندان المؤسسات الحزبية القابعة في قعر رؤاها القديمة، كأنهم كما يقول الفيتوري:
(لقد خرجوا من الماضي الذي سكنوا حوائطه
إلى الماضي الجديد)
وما زلنا نتخبَّط وتذبل أحلامنا بموطنٍ يسعنا جميعاً، وطن الحرية والسلام والعدالة.
لقد صعدت أرواحٌ عديدة أغمضت أجفانها دون رؤية الوطن الذي حلمت به وكان هذا أكبر الآلام.
أما على مستوى المشاريع الشخصية خلال العام وما يرتبط بأحدث فقد قال الشاعر والنشر زروق “أما على الصعيد الخاص، فلله المنَّةُ والحمد والفضل، فقد شهد هذا العام ميلاد المؤسسة التي طالما حلمت بها (دار الأجنحة للطباعة والنشر والتوزيع ) إستثماراً وخدمةً للمعرفة، ووُفقنا من خلال رؤيتنا أن ننتخب تشكيلة رائعة من الكُتَّاب في الداخل والخارج وموضوعات مختلفة في الشعر والدراسات والرواية والمجموعات القصصية تصل إلى خمسٍ وثلاثين عنواناً بجودة عاليةٍ في الماعون والمضمون، مما مكننا من استقطاب كتاباً آخرين من مختلف بلدان العالم للعام الجديد، على الرغم من أن أملنا خاب في المشاركة في أول معرض دولي للكتاب في بلدنا (معرض الخرطوم الدولي للكتاب) بسبب إنقلاب 25/ أكتوبر، وكنا نأمل أن تكون انطلاقتنا للمشاركة في المعارض الدولية من خلال هذا الإستحقاق”
كذلك أنهيت مسودة ديواني السادس (ارتباك النَّاي)، حظيت بزيارة العراق الصامد، عراق الشعر والشعراء بدعوة كريمة من الأخوة في اللجنة التحضيرية لمهرجان المربد الرابع والثلاثين في البصرة.
وختم زروق كلامه بتفاؤل مفتوح على السنة الجديدة، عندما قال “ولأنني إنسانٌ حالمٌ وقادرٌ على القتال لأجل أحلامي، فإنني متفائل ٌ جداً بالعام القادم، ما علينا السعي والقتال وما على الله سيدبره بمشيئته.
أستطيع، على كافة الأصعدة يمكنني تسمية العام 2021 ب(الحلو مُر)”.

الروائي الموريتاني أحمدو ولد الحافظ تحدث بدوره عن السنة المنصرمه وما اكتنفها إبداعيا بالنسبة إليه، حيث اعترف أنها “امتلأت هذه السنة بهواجس وكوابيس هذا الوباء، كان الخوف على الأحبة أبرز المشاعر التي رافقتني هذه السنة.. غالبا كانت كتاباتي فيها لنفسي.. كنت أرغب وأتمنى في أن تكون أحسن؛ ومع ذلك لم تكن سيئة كثيرا.. أرى أن آمالنا تبقى -دائما- هي تلك الرغبات التي لم تتحقق!”
وبشأن توقعات وآماله بالنسبة للعام الجديد فقد قال “بالنسبة للعام الجديد؛ يكبر معي -باطّرادٍ- شيء من التفاؤل؛ أو يتضاءل التشاؤم بداخلي؛ لا فرق.. أتصور أن واقع الكتابة -أو واقع الكاتب- أحسن اليوم من الأمس؛ تماما مثلما أنه “س” يكون أحسن غدا.. خفتت -إلى حد ما- محاكم التفتيش المجتمعية، وتراءى ضوء حرية (وإن كان باهتا) في نهاية النفق.. السلطة -أخيرا- لم تعد تصر -في اعتقادي- على أن يأكل الكاتب بثدييه.. أتمنى أن يكون فهمي وقراءتي في محليهما..”.
وبالنسبة للمخرج المسرحي التقي عبد الحي فقد رأى أنه “رغم الجائحة ورغم كل العوائق التي حالت دون تحقيق عديد المشاريع، فقد استطعنا تحقيق حلم اثنين على الأقل، أولهما هو إنجاز الدورة الأولى من مهرجان نواكشوط الدولي للمسرح، والتي كانت محلية بامتياز، وثانيهما العيادة المسرحية والتي اغتنمنا فرصة رفع الحظر للعمل عليها”
وأضاف المخرج ولد عبد الحي أن كل المشاريع التي عمل عليها وسعى إلى تحقيقها خلال سنة 2021 لم يتحقق منها غير هذين المشروعين، قبل أن يرجو أن تتم السيطرة على الجائحة، لتنطلق السنة الجديدة 2022 دون عوائق سبيلا إن تحقيق الكثير من الأحلام والطموحات، التي حالت دونها جائحة كورونا التي شكلت عقبة كأداء، متفائلا بالسنة الجديدة وراجيا أن يعم خلاله الخير والصحة والعافية.
الروائي والصحفي الربيع ولد إدومو لم ينه هذه السنة خالي الوفاض من الإنجازات الأدبية، كما أن له مشاريع ومفاجآت يحتفظ بها للسنة الجديدة كما أخبرنا، وقد بدأ الرد على تساؤلاتنا بالقول “يعتبر نشر مجموعتي القصصية (التميشة) أهم ما حققته خلال عام 2021، وهي قصص نشرت تباعا على الفيسبوك من قبْل، وحظيت بإقبال كبير، فرأيت من موقف المسؤولية الأدبية ضرورة نشرها لإتاحتها ورقيا، وهو إنجاز يأخذ أهميته من حقيقة تعقيدات النشر في البلد، من عدم وجود دور نشر كبيرة إلى غياب حركة نشر قوية”.
أما في الجانب المرتبط بالسنة الجديدة، فقد رد ولد إدومو قائلا “أما فيما يرتبط بالعام الجديد 2022، فإن أهم مشاريعي التي أطمح إلى تنفيذها خلال هذه السنة نشر مجموعتي القصصية الجديدة، التي تحمل عنوان (الناس ينزفون دما أزرق) وكذلك أن أنشر كتابا بعنوان (أما صاحب التاكسي اليوم)، وهي مجموعة مواقف وطرائف، تمثل نوعا من الكتابات الشعبية التي يحس الناس أنها جزء من يومياتهم، والتي كنت أنشرها على الفيسبوك أيضا، ولها جمهور واسع بدورها، وبالتالي فإني أعتقد أنه من المناسب نشرها.
في حين رد الشاعر والديبلوماسي الدكتور محمد المحبوبي صاحب “الأنات الصامتة” و”بقية من أنخاب الغيب” بشأن السنة المنصرمة ومشروعاته في السنة الجديدة بقوله “نحن في أواخر هذا العام الحافل بكثير من معاني الحياة وتعاليم الزمن، نتجاوز أيامنا إلى أيام أخر، كما يتجاوز المتصوف خرزات السبحة واحدة إلى الأخرى، وبهذا نكتسب أفكارا جديدة ومرئيات محدثة، ونطلع على مكاشف مختلفة، تغيّر من طبيعتنا وعقيدتنا الأولى، وعلى المستوى الشعري وضعت اللمسات الأخيرة على عملين أدبيين، سيخرجان قريبا، كنت أشتغل عليهما منذ سنوات وأضعهما في المشاريع المؤجلة لعدم الرضا على إخراجهما الفني.
أجل.. أعتبر أن كثيرا من مطامحي الخاصة تحقق خلال هذا العام، ومازلت أعقد العزم على مبتغيات أكثر وأشمل بحول الله، وأحلم باليوم الذي تخلو فيه سوح البشرية من الحروب والشحناء والكراهية وكل الجدران التي تباعد بين الإنسان وأخيه الإنسان”